Qui sommes nous?

Bizerta Blog est un blog collectif animé par les membres des clubs de journalisme citoyen de la maison des jeunes de Bizerte. On s'engage pour une information libre, indépendente, et citoyenne.

30 mai 2013

نجوت من الحادث و كدت أهلك حنقا بالمستشفى

أتمنّى  بداية و أدعو المولى أن لا يضطرّ أحدكم إلى ولوج غرفة الإستعجالي أصلا.
وأستسمحكم، قرّائي الأعزّاء، أن أشذّ عن إلتزامي بالكتابة حول الشّأن العامّ جزءا من مقالي هذا. فإنّى لم أعد أملك لأمري كتمانا و لا أضنّ ما مررت به أمرّ مما يمرّ به الأضعف و الأفقر من مواطنيّ المساكين. و ألج بكم بسرعة إلى  ملخّص روايتي و قد نزعت عنها الأسماء و التّواريخ محاولة منّي لتجنّب الشّخصنة، و أعدكم بتحرّي
الصّدق في نقل مجرياتها:
"قبل بضعة أيّام، و أمام المحطّة الرّئيسيّة للحافلات ببنزرت (محطّة تونس) فاجأتني سيّارة طائشة مسرعة و أنا على درّاجتي النّاريّة. و لم تكن ثوان إلّا وقد إرتطمت مؤخّرة رأسي بعنف على السّيارة، و أردفتني الدّراجة ضربة على ضربة بأن سقطت عند هبوطها على ذراعي الأيسر.  و بما أنّ ذلك كان أوّل عهدي بالحوادث (و آخرها إن شاء اللّه) فقد تحالمت ووقفت. و لا أصف لكم حجم الضّجيج و قد تجمّع المسافرون والسوّاق حواليّ في "حضبة" تونسيّة أصيلة. و لم أكن حقيقة أعي أو أرى الجمع. إلّا أنّني كنت مرتاعا  لإختفاء الدرّاجة مباشرة بعد الحادث.
و ماهي إلّا هنيهة أن أتت سيّارة الإسعاف و حملتني، غصبا عنّي، و بطلب من صاحب السّيارة. طلبت من مرافقي، عون الإسعاف، بعضا من ثلج أضعه على يدي علّ ألمي يكفّ و قصفته بأسئلة متوالية حول أعراض "النّزيف الدّاخلي" و عن "فرصي في النّجاة". فما كان منه إلّا أن ضحك و قهقه، ثمّ أجابني أنّ الحالة "متعبة" (أضطرّ لحذف العبارة الأصليّة إحتراما للقرّاء). و أنّ لا بأس أصابني و لا هو مناولني ثلجا و لا هو حتّى يملك ذلك. فسيّارة الإسعاف، لمن لم يجرّبها، عربة عاديّة يرقد المصاب بداخلها على فراش خشن و يجلس عون الإسعاف  بجانبه القرفصاء على أرضيّتها الحديديّة، و لا يوجد بداخلها أيّ أداوات أخرى و لا حتّى صندوق ثلج أو مسكّن ألم. و بعد نقاش لذيذ بدون تكلّف حول "أسباب تردّي الحالة" أصرّ مخاطبي خلاله على سباب الأساتذة لأنّهم "أكلوا البلاد و العباد" و لازالوا يضربون. و ربط مباشرة بين ذلك و ضروف عمله.  وصلنا إلى المستشفى بسرعة و قد أطربني صوت السّيارة و زاد في "بهتتي"رائحة البنزين المتسرّب.
 و يا ليتني أرشدت مرافقي إلى منزلي و يا ليتني لم أدخل ذلك المبنى، لعن اللّه كلّ متخلّف عن عمله. فغرفة الإستعجالي، لمن لم يجرّبه، مكان وسخ قذر. وجدت داخله الطّبيب و معاونه جالسين يتحادثان بكلّ تؤدة و تحضّر قلّ نظيره في تونس-الثورة. و مباشرة إصطحبني أحدهما إلى ركن، أرضيّته مفروشة ببساط جافّ من الدّم و بجانبه أدواة التّنظيف مهملة. و هنالك طبّبني بكلّ جفاء و غلضة. و لمّا عدت إلى سيادة الطّبيب أخبرني بأنّ لا بأس أصابني و بالحرف الواحد 'برّة روّح" بدون أن ينهض أو حتّى أن يكشف عن رأسي. و رأيت عجوزا مكسورة يداه يئنّ لأنّ الذّباب ألحّ في تلاعبه على أنفه و لم يكن لأنينه جواب عند "الإطار الطبيّ". أخذت بنصيحتي طبيبي و شكرة المولى أنّ يدي اليمنى على الأقل لا تزال تذوذ عنّي شرّ الحشرات من سكّان قسم الإستعجالي القارّين و "روّحت".
قصدت عندها مركز المرور، أين ضنّ شرطيّ بالباب بي الضّنون (ربّما تكون لحيتي المعفرّة و يدي المدمات و شبه عجزي عن المشي سببا خصوصا مع تزامن الأحداث مع إضطرابات مع "أنصار الشرّيعة") و أراد تفتيشي إلى أن أنفذني من بين يديه الرّئيس.
من الغد إكتملت فصول القصّة. فجدّتي إستوسطت لي حتّى ألج مركز التّصوير للكشف عن رأسي. و المعتدي صاحب السيّاة أتاني و قد زال عنه الخوف مهدّدا إيّاي و معلنا رفضه تعوضي. إلى أن علمت بأنّه مغادر تونس إلى السّعوديّة خلال يومين فأخبرته بأنّ وقتي طويل و لا أمانع في إعادته من المطار للتّحقيق في الحادثة. و عندها قلّ إستئساده و قبل تعويضي عن مصاريف الكشف "لا خوفا بل طمعا في الأجر" على حدّ قوله. و لا أنسى أن أنوّه ب"محمّد" الذّي أعاد لي درّاجتي و أعلمني أنّه أخفاها لأنّه "يعلم حرقة الأكسيدون و فقدان الدرّاجة للنّاهبين". و لمّا عدت اليوم مع السّاعة 3:30 إلى المستشفى لأسدّد ال90 دينارا و أبطل الإلتزام الذّي أجبرني "الطّبيب"(أو أحد أولائك النّاهرين للمرضى الجالسين محتسين القهوة في المستشفى). و لكنّ هيهاة، فالكلّ كان قد غادر و لا سبيل حتّى إلى دفع دنانير لم يرض جلّادي إلّا أن "أرجع غدوة" لتسديدها."
أستسمحكم مجدّدا أنّي أطلت. و أختم: المستشفى موجود و الآلات موجودة و الإطار الطبيّ موجود. و لكنّهم كاذبون و كاذبون و كاذبون. رأيت في أروقة المستشفى ضروبا من الأوساخ و أنا شاهد على أطبّاء يبرحون عملهم قبل 11:30 صباحا. كما شهدت ألوانا يحزن لها القلب من ألوان الإحتقار و الإهمال لكلّ مريض "زوّالي". و أوجّه ندائي إلى "الإطار الطبيّ": ألا تخجلون؟ أليست فيكم بقيّة من آدميّة؟ أعان اللّه من كان مثلي مضطرّا إلى ولوج المستشفيات العموميّة عليكم. و قد فقدت الأمل كلّه في صلاحكم و أدعوا لكلّ زوّاليّ بأن يرزقه الربّ و يرزقني ما يكفيه و يكفيني مشقّة التعامل معكم. والحمد لمن رزقني الصحّة و العافية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Newsletter/Bulletin

Votre Email

Devenir Contributeur

Ce blog est aussi le votre et on vous l'offre pour faire entendre votre voix. Envoyez nous vos articles par mail: BizertaBlog@gmail.com